قصة شتاء الجزء الثالث

كانت الساعة تشير إلى الحادية عشر صباحا، كانت تتقلب في السرير منذ ساعات طويلة، أصبحت تكره النهار و الليل، و الناس و الشمس.....أصبحت تمقت كل شيء، استيقظت على صوت ضجيج اطفال الجيران، خرجت من السرير بصعوبة، مرت على مرأتها المرصعة بالفضة، خفضت أعينها بسرعة، لم تر شكلها منذ أيام.... و لماذا تراه ؟ لم تعد تهتم بشكلها أو مظهرها أو حتى هندامها، و لماذا تهتم ؟ ألم ينته كل شيء؟ فقدت وزنا كثيرا في وقت قياسي، وجهها الطفولي أصبح شاحبا، شبح إنسان في داخلها و خارجها. كل صديقاتها الغاليات تخلين عليها .... طبعا الكل يهرب من المرض و التعاسة و الضياع، لم يبق بجوارها سوى أمها الحبيبة و صديقة الطفولة أمها أرادت بل أصرت لكي تعيش معها لكنها رفضت بشدة، كانت تحب استقلاليتها و بما انها حصلت عليها بصعوبة شديدة، قررت أن لا تتخلى عنها مهما كانت قساوة الظروف لشدة يأسها تركت عملها، كان عملا مناسبا لمؤهلاتها لكنها لم تحبه يوما. استغربت من الكم الهائل من الاتصالات و الرسائل، لم تعهد منه كل هذا الإهتمام، في قرارة نفسها كانت تحتفظ بكرامتها و ترفض شفقته أو عطفه لذا قررت عدم إخباره بشيء و ببساطة امتنعت عن الحديث معه. فتحت اليوتيوب لتضييع الوقت، و ضغطت على زر المشاهدة لأول فيديو ظهر في القائمة. فجأة رن جرس الباب، يا ترى من أتى؟ نهضت متثاقلة لترى من العين السحرية، لم تصدق ما رأت عيناها، كان واقفا وراء الباب، وسيما انيقا كعادته، معقول؟ ظنت أنه مع مرور الأيام و تجاهلها له سوف ينساها. "لا أستطيع أن أفتح له! مستحيل، لن ادعه يراني محطمة هكذا"..... استمر رنين الجرس و طرق الباب، كتمت أنفاسها حتى تأكدت من مغادرته. رجعت بسرعة إلى الحاسوب، لكي لا تفكر فيه، كادت تقفل الفيديو، إلا أن شيء ما أثارها في كلام الشخص الذي كان يلقي محاضرة لموقع Tedx . رن جرس الباب مرة اخرى،" أمضيت كل هذا الوقت في مشاهدة هذه الفيديوهات؟ ؟ " كانت تعلم جيدا من خلف الباب، أمها دائما تأتي على الساعة الرابعة مساء. بعد مغادرة والدتها المنزل، و توصياتها العديدة لها، عادت إلى الوحدة و السكون، بعد بضع دقائق استغربت من طرق باب المنزل بشدة و جرس متواصل، ظنت أن أمها نسيت شيء، لكنها تفاجئت بصوته : " افتحي الباب، أعلم أنك هنا، والدتك خرجت للتو من عندك، افتحي الباب، لن أغادر." بصوت عال، ارتكبت، لم تدر ما العمل، إن استمر في الصياح سيسمعه الجيران.......استسلمت و فتحت و الدموع في عينيها "انتظرتكي كثيرا لما...... لم يستطع أن يكمل عتابه، صدم بشدة عندما رآها، لم تستطع أن تحبس دموعها و حسرتها، ظلا لبضع دقائق هكذا. "امسحي دموعك، لا شيء يستحق، هدئي من روعك." مسحت عيناها بالمنديل الورقي الذي أعطاها إياه، و ارتشفت جرعة ماء من الكأس الذي مده لها. "ما الذي وقع، لقد تغيرت كثيرا، لماذا؟ " لم تدر ما تقول أو تفعل، كان الحزن يعتصر قلبها.....فجأة نهضت و توجهت إلى غرفة نومها، أحضرت ملفها الطبي و وضعته أمامه. لحسن أو سوء الحظ، كان صيدليا، تفحص ملفها بعناية، ثم وضعه فوق الطاولة، نهض، توجه نحو باب البيت، و خرج دون أن يلتفت إليها.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

مايكل جاكسون

قصة شتاء الجزء الرابع

الرجولة